أتحدى أي شخص أخذت منه مالا أو رآني آخذ من غيره أن يقول..
لم تبدأ حكايته بـ” كان يا ما كان ” ، ربما لأن ” كان ” رغم كونه فعلا لكنه ماضي وناقص ، و ” الدومري ” ما تزال حاضرة في نفس علي فرزات ، وحتى في الأوساط الإعلامية ، كما أن ما يذكر بعد أربع سنوات من موته في عصرنا المستعجل لا يمكن وصفه بالـ”ناقص”.
زارته سيريانيوز في مكتبه و شرع في الحكاية ” كان مشروع الصحيفة الساخرة الناقدة في ذهني قبل عشرة سنوات من بداية الدومري ، وتحدثت مع الرئيس بشار الأسد عن هذه الفكرة ، عندما كان يزور معرضي في المركز الثقافي الفرنسي ، قبل أن يتسلم مقاليد الحكم “.
و تابع فرزات ” الصحيفة اللي كانت ببالي هي امتداد لمساحة الكاريكاتير الذي اعتدت رسمه في الصحف الرسمية ، و الرئيس الأسد استحسن الفكرة وقتها وقال لي عندما يصدر مرسوم يسمح بالصحف الخاصة ستحصل على الرخصة “.
“هيأت طلبي لتقديمه فور صدور المرسوم ، وبدأت التحضير للعدد الصفر ، وكان الترخيص في البداية باسم أخي أسعد لأن قانون المطبوعات القديم اشترط أن يحمل صاحب المطبوعة شهادة جامعية ، ثم انتقلت الملكية لاسمي عام 2003 “.
وصدرت الدومري عام 2000 كأول صحيفة خاصة في سورية منذ عام 1963 والأولى في عهد الرئيس بشار الأسد ، إلا أنها أغلقت بناء على قرار وزير الإعلام الأسبق عدنان عمران رقم 6061 الصادر في 31/7/2003 بحجة “مخالفتها لقانون المطبوعات وبالتالي منع أي مطبعة من طباعة صحيفة الدومري”.
” أنا أضع أصبعي في عين كل من يقول أنه موّل الدومري “
عن الأقاويل التي تناولتها بعض وسائل الإعلام مؤخرا ، والتي تشير إلى الدومري بوصفها ” مشروعا حكوميا ” ، قال فرزات ” أنا لم أقبض قرش واحد من أي جهة ، لا حكومية ولا غير حكومية ، وأتحدى أي شخص أخذت منه مالا أو رآني آخذ من غيره أن يقول ، وأنا لما طلعت على قناة الجزيرة وحكيت إني لم أتلقى قرشا لماذا لم تثر علي ( المستويات الرفيعة ) لأني (كذبت) !”.
ويضيف علي ” لي الشرف بأن لا يكون عندي غطاء رسميا ، وأنا بغنى عنه ، ولو أن ما قيل فيه جزء من الصحة لما أغلقت الدومري ، وأنا أعتبر أن قرار سحب رخصة الدومري هو براءة ذمة من الغطاء الرسمي للصحيفة “.
“صحيفة رسمية خصصت لمهاجمتي صفحتين ولشارون ربع صفحة “
” منذ أن رأت الدومري النور و هناك صحيفة رسمية تتقصد أذيتنا ، بدأت بتهديد الصحفيين الذي يعملون معنا وفيها بالفصل ، مع أن هذا القانون غير مطبق ، ولم تكتف بذلك فنشرت في الـ2003 صفحتين كاملتين وعلى يومين ضدي وحاولوا تأليب السوريين ضدي ، في الوقت الذي لم يحظ شارون ذاته بربع صفحة من صفحاتها “.
ويتابع فرزات ” رفعت دعوة على هذه الصحيفة ، و أخذت حكما قضائيا ألزمها بدفع تعويض ، وحتى الآن لم تنفذ الحكم ، كما رفضت نشر الرد الذي أرسلته “.
وعن سبب عداء الصحيفة الرسمية للدومري شرح علي ” الدومري سحبت البساط من تحت أرجل الصحف الرسمية ، فعددها الأول وزع منه 75000 نسخة بينما لا يتجاوز مبيع كل الصحف الرسمية مجتمعة في أكشاك البيع الآن 6000 نسخة ، الدومري كشفت عورات الصحافة النائية “.
وأرسل علي نسخة من رده للصحيفة الرسمية ” متحديا ” لها أن تنشره ، كما زود سيريانيوز بمجموعة من الوثائق والأوراق تتضمن براءة ذمته من أي دفع لصحيفة الثورة التي كانت تطبع بها الدومري في بداياتها ، و الكتاب الذي يمنع المطابع من طباعة وتوزيع أعداد الدومري . By using this submit.
“الانسحابات كانت لأسباب متعددة ووضع اسمي على الافتتاحية بالاتفاق”
وعن الجدل الذي أثير حول كتابة علي لاسمه على افتتاحية العدد الأول من الدومري ، قال لسيريانيوز ” خضنا نقاش كبير حول من يصيغ الافتتاحية ، واقترحت عليهم وقتها أن تكتب المجموعة ، التي تعمل بالعدد ، الافتتاحية باسمها ليصبحوا هم الواجهة ، ثم قررنا أن نكتبها باسم الدومري ، وأخيرا تم الاتفاق على تذييلها باسمي ، لكن أنا رسوماتي هي افتتاحيتي “.
أما عن الانسحابات فأشار فرزات ” حسن م يوسف مزاجي وأنا أحترم مزاجه ، و لكل منا رؤيته ووجهة نظر مختلفة في بعض القضايا ، أما أخي أسعد وعدنان فكانت الأسباب بين الشخصية والمهنية ، واختلاف وجهات النظر كان الأساس “.
وأضاف علي ” أنا صاحب الفكرة ، وعندي تصوري ورؤيتي الخاصة للموضوع ، وفي النهاية أنا لم أقل لأي شخص أن يترك العمل “.
“الإغلاق كان بنية مسبقة وجاء بعد تضييق “
“أرسل كتاب لكل المطابع بمنع طباعة الدومري إلا مع موافقة من وزير الإعلام و من محافظ دمشق ، رغم أن الأشهر الأربعة الأولى لم تكن أي من تلك الموافقات مطلوبة منا ، وعندما طلبنا من وزير الإعلام أن يعطينا موافقته قال لنا أنا ما عندي خبر مين أرسلكم “.
ويتابع علي ” وزير الإعلام لم يرض أن يعطينا الموافقة ، و قال لنا إذا لم يطلع العدد سنسحب الرخصة ، وبصريح العبارة قال ( ياريت تسكرو ) ، عندئذ قمنا بطباعة الصحيفة على آلة النسخ ، وبعد أن تسلمت الوزارة منا عشرة أعداد أصدرت كتابا تقول فيه إنها لا تعترف بهذا النوع من الطباعة “.
وزود فرزات سيريانيوز بوصول استلام من وزارة الإعلام للأعداد العشرة المصورة .
وتحدث فرزات بشغف عن ” العدد الأخير 115+1 كان متميزا تطوع في إعداده حكم البابا مع مجموعة من الكتاب البارزين ، ( العدد الانتحاري ) ، استطعنا تهريبه من الرقابة ، وقبلت إحدى المطابع طباعته رغم أنها تعلم بكتب المنع لكن صاحبها سأل عن الترخيص فقط “.
“الساعة 8 كنا نوزع العدد بأيدينا بالأسواق والساعة التاسعة والربع كان دوريات الأمن والشرطة وغيرهم يجمعون الأعداد من السوق والمكاتب ، وفي اليوم ذاته صدر قرار رئيس مجلس الوزراء بإغلاق الدومري وسحب الرخصة “.
وعن محاولة إحياء الدومري أوضح فرزات ” لم ولن أحاول لأن إعلامنا يمر من قنوات أمنية معروفة ، ورسمية غير مؤمنة بالإصلاح أو الانفتاح أو حرية التعبير “.
وتساءل فرزات في النهاية ” كيف يغلق رئيس مجلس الوزراء جريدة صدر ترخيصها بمرسوم؟ ، و ما هذا النشاط الذي حلّ على الوزارة لتستقصي و تجمع وتغلق العدد في ساعتين ؟”.
وبهذا انتهت حكاية علي فرزات بتوتة توتة ، لكن لا أحد يعلم متى ستنتهي الحتوتة …
زينة ارحيم ….سيريانيوز