سيريانيوز تفتح ملف المخدرات في سورية

الفضول والجنس واصدقاء السوء على رأس قائمة اسباب الإدمان

” إذا كنت تظن أنك لم تقابل متعاملا بالمخدرات ( متعاطياً أو تاجرا ) ، وأنك تعيش في برج نظيف وآمن بعيدا عن هؤلاء الأشرار والتائهين ، فأعد حساباتك لأنهم يجلسون إلى جوارك في الميكرو ، و يقودون بك التكسي ، و يأكلون على الطاولة المجاورة ، و إذا كنت عنيدا وأصريت على الإنكار ،

 

خذ عينات بول من المحيطين بك ، و افتح الباب للذهول ليعصف بك عند رؤية نتائج التحاليل “.

هذا ما قاله لي الدكتور راغد هارون الطبيب الاختصاصي بالأمراض النفسية والعصبية وحالات الإدمانعندما لاحظ ارتباكي قبل مقابلة المتعاطين ، لظني أنه اللقاء الأول الذي يجمعني بهم بحياتي .

في سورية 6174 متعاملا بالمخدرات بحسب إدارة الأمن الجنائي ومرصد الشباب ، ولكن “ما خفي أعظم ” و الرقم الحقيقي أكبر بكثير ، كما اتفق كل من سألناه .

وربما تؤكد الأرقام التالية هذه المقولة ” في عام 2006 صودر 172.738.42 كغ حشيش ، و 6.575.20 كغ هيروين ، و 1.916.75 كغ كوكائين ، و8897931 حبة كبتاغون ، و193755 حبة مختلفة ، و 685.100 كغ مواد تصنيع أولية ” .

لأجلها…عملت دلال بالدعارة

دلال في الـ29 سنة من عمرها ولها ابنه في الخامسة ، طلب منها زوجها ، الذي يعمل سائق تكسي، أن تعمل بالدعارة ، وعندما رفضت بدأيعطيها الهيروين في الطعام والعصير حتى أدمنت .

قصت دلال حكايتها لـ سيريانيوز ” مشان يحسن مادياته ، طلب مني إنو أعطي حالي لرفقاته الخليجية ، بس أنا رفضت ، ولما اتعودت على الشي اللي عميطيني ياه مابأة اقدر بلاه ، وصرت أعمل اللي بدو ياه و نام مع مين مابدو بس يعطيني منها “.

وتضيف دلال ” شفت كتير و ناس مابقدر بوصفهم غير بالشاذين مروا على حياتي ، حتى بالأخير مابأة اقدر اتحمل ورحت حكيت كلشي لأخي وجابني هو وماما لهون “.

لأجلها ..دفع أمير وأخوه حياتهما

أمير في الـ27 من عمره ، تاجر سيارات ، ومن عائلة دمشقية معروفة ، ترك كلية الحقوق ليلتحق بمجموعة من الدورات في إدارة الأعمال و هندسة الكمبيوتر في بريطانية و سورية ، وبدأ بتعاطي الحبوب المهدئة منذ 7 سنوات .

وعن تلك البداية قال أمير لـ سيريانيوز ” مرة كنت متدايق وقمت أخدت حبتين اكزانكس ، وبعد أربع شهور رجعت أخدت ، وبعد 7 أشهر صرت آخد 6 حبات باليوم “.

وأوضح أمير “ماما بتاخد بروكسيمول بكثرة ، وقمت جربت فعطاني شعور بسط ، بعدين وصلت لمرحلة آخد فيها 20 حبة بالنهار ، وحسيت إنو كل حياتي انقلبت ، داق خلقي من العالم و صار مزاجي تعيس وحب ابقى لوحدي وأهملت شغلي وحياتي كلها “.

يتابع أمير ” حاولت بطل ، ومرة بقيت شهر بلاها ، بس رجعت مع أول مشكلة ، ولما طلقت مرتي زدت عدد الحبوب ، بس صدقيني أنا مو بإيدي بتعاطى مو للبسط “.

وهذه هي المرة الثالثة التي يدخل فيها أمير لمستشفى البشر طلبا للعلاج ، أما الحل برأي أمير فهو ” إنو ارجع على لندن هونيك ما بتعاطى ، لأنو حياتي بتصير متل مابدي فبظن إنو رح انسى الحبوب “.

وأمير ليس المدمن الوحيد في العائلة فأخوه الكبير مدمن “بس أكتر مني بكتير ، وعندو بنت عمرها 11 سنة مو شايفها غير مرة وحدة بحياتو ، وهو مابيعمل شي بالدني غير التعاطي “. After this information you may quickly find a girl.

لأجلها ..دفع أحمد عائلته وأنفق 400 ألف بـ48 ساعة

أحمد أب لولدين في الـ39 من عمره ، يعمل بالسعودية “كنجار باطون” ، وبدأ بتعاطي الهيروين من 12 سنة.

يتحدث أحمد ببطء وينظر إليك وكأنه لا يراك وقد روى لـ سيريانيوز “رفقاتي عطوني إبرة فيها جرعة صغيرة ، جربتها وبعد أسبوعين صرت آخد 7 غرامات باليوم “.

وتابع أحمد ” لما جيت من السعودية كان معي 400 ألف ليرة ، وبعد يومين كنت عم اتدين 150 ألف مشان اصرف على عيلتي وعلى إبري “.

ولأن أحمد لا يعرف تجار الهيروئين بالسعودية ” هونيك بتعاطى حشيش بس “.

أما عن سبب طلبه للعلاج أشار أحمد إلى أنه ” ماعاد معي مصاري ، وبنتي صارت صبية وعلى وجه خطبة ، وأنا وسمعتي صرنا على الأرض ، وحتى مرتي ماعمبقدر برضيها حتى جنسيا”.

الدكتور راغد المشرف على حالته قال لنا ” دخل احمد 3 مرات إلى المستشفى خلال 15 يوم ، نظف جسمه ثم أخذ جرعة عاليه وعاد ، وهو يعاني من التهاب كبد فيروسي سببه الإبر الملوثه التي يتعاطى بها الهيروين”.

وأضاف هارون ” لا تفكري أحمد شخص سيئ أحمد شخص كتير شهم وعندو أخلاق ، ومن عيلة محترمة وهدا اللي مخليه يتألم أكتر ، بس المادة هي محور حياته حاليا”.

الفضول والتقوية الجنسية والأصدقاء ، أولا على قائمة الأسباب

يرى الدكتور هارون أن الأسباب الرئيسية للإدمان هي ” حب المغامرة و الاستكشاف ، والقلق والاكتئاب ، كما يتعاطى البعض الهيروين لتأثيراته الجنسية حيث يؤدي إلى إطالة مدة القذف لكنه بعد فترة يسبب العجز الجنسي “.

ويعتبر د.راغد أن ” الاضطرابات الشخصية هي البيئة الخصبة لانتشار الإدمان ، فأغلب الحالات معادية للمجتمع وعديمة المسؤولية وانعزالية ، وفي الأغلب كان الأصدقاء أو أحد أفراد العائلة يؤمن للراغبين أول لقاء مع المخدر “.

أما أليسار فندي معاونة مدير المركز الوطني لرعاية الشباب فقالت لـ سيريانيوز ” أكثر من 70 % ممن في المرصد تعاطوا المواد دون أن يعرفوا حقيقتها ، كما أن للأصدقاء دور كبير بانتشار الإدمان “.

وأضافت فندي ” الإدمان ليس لطيفا كما يظن البعض ، فهو ليس نشوة و زهزهة وراحة ، إنما ألم وعذاب شديد “.

أما الدكتور بلال عرابي أستاذ في علم الاجتماع في جامعة دمشق فرأى الأسباب في “علاقة المتعاطي المضطربة بأسرته أو انضمامه لمجموعات معينة ، والجهل والعطالة “.

وأضاف د.عرابي ” التجار يتصيدون الشخصيات الهشة ، وحتى إذا كان فقيرا وغير قادر على الدفع يستخدمونه للترويج أو النقل أو أداة للسرقة أو الأذية “.

التجار يدخلون المصح لتحاشي السجن وتسويق موادهم للنزلاء

ينص القانون 2 الصادر عام 1993 على ” فرض عقوبات قاسية على التجار والمهربين و الصانعين ، ويعامل المتعاطي على أنه مريض ، فإذا سلم المتعاطي نفسه أو قام أقاربه حتى الدرجة الثانية بتسليمه ، يعفى من العقوبة ولا يلاحق قضائيا بشرط ألا يكون له سوابق كثيرة ، وأن يلتزم بشروط مركز علاجه ” كما حدثنا العميد أحمد حولي مدير إدارة مكافحة المخدرات.

ولأن القانون لم يحدد عدد المرات أو السوابق استغله التجار ، ليحصلوا على ورقة تحصنهم من السجن ، و تفسح المجال للتعرف على زبائن جدد يصرفون فيهم بضائعهم وهذا ما حدث مع أمير .

روى لنا أمير ” بالمستشفى التقيت بتاجر مخدرات بيتعاطى ، وأخدنا أرقام بعض ، ولما طلعنا شجعني جرب الكوكائين بدون ماياخد مني مصاري ، وجربت الهيروئين على أد ما نؤوا علي ،وعرفت إنه تاجر لما سمعتو عميتفق مع واحد على التلفون على صفقة بمليون وبمليونين ، وقللي إنو فات على المستشفى مشان ينضف جسمه ويلاقي عالم يصرف فيهم بضاعته ، وينسوه الشرطة بلا ما يضطر يدفع رشاوي”.

غلاء المخدرات الدافع الأول للعلاج ونسبة الانتكاس 85 %

لخص الدكتور راغد دوافع البدء بالعلاج ” بالوضع المادي و الاجتماعي ، و الكثير من المدمنين يأتون عيادتي وما معهم أجرة المعاينة ، ويدفع الاعتقال المتعاطي إلى مراجعة نفسه “.

وأطلعنا العميد حولي على أسعار بعض المواد حيث سعر غرام الهيروين يصل للـ1500 إذا كان نظيفا ، وهو شائع جدا عند السوريين ، وكذلك الحشيش الذي يزرع في لبنان رائج في سورية فسعر الغرام منه 50 ليرة ، ويعتبر الكوكائين نادر فسعر الغرام منه بـ6000 ليرة ، ورغم ذلك ضبط منه 60.417 كغ العام الماضي .

وعن عمليات الغش قال حولي ” فوق الضرر الذي يسببه الهيروين تزيد علميات الغش الطين بلة ، فأحد التجار اعترف لنا أنه يخلط الهيروين بطحين زجاج النيونات “.

ويبدأ العلاج في مستشفى البشر ” بالقطع الكامل عن مواد الإدمان ثم علاج أعراض السحب ، التي تختلف حسب كل مادة ، فأعراض سحب الهيروين ، آلام معممة شديدة جدا ، أرق وهياج ، عطاس ، وتوق للمادة وهي تختلف من مريض لآخر ” كما أشار الدكتور هارون.

وأضاف الدكتور راغد ” هدوء أعراض السحب أو بعضها دليل على نظافة الجسم وتحليل البول هو الحاسم ، وينقصنا الفريق الكامل لمعالجة الأسباب التي أدت إلى الإدمان “.

أما في مرصد الشباب فقالت فندي ” يبدأ المريض في المرحلة الأولى بالعلاج الدوائي ، أما المرحلة الثانية فهي التأهيل وتضم إيجاد سبب المشكلة التي أدت للتعاطي “.

“ويقيم المدمن في المرصد لمدة تتراوح بين أسبوع واثنين ، و يشمل العلاج الجانبين الاجتماعي و الفيزيائي وتصل نسبة الانتكاس إلى 85 % ، وهنا يأتي دور مرحلة التأهيل وتستمر من 6 أشهر حتى سنة ، وتختلف سرعة الانتكاس بحسب قوة الإرادة و عوامل ذاتية” .

وتابعت أليسار ” التعامل مع المدمن ليس سهلا ، فهو شخصية تعودت على اللف والدوران والكذب ، ويجب أن ينتقل المدمن قبل أن يخرج إلى المجتمع إلى مؤسسة تأهيلية ، تعمل على تغيير نقاط الضعف بالشخصية ، لأنه يعاني من اضطرابات مرضية بالإضافة إلى اضطراباته الشخصية ، وبهذا يمكن أن يؤخر الانتكاس أو يقف بوجهه “.

المدمنين : من البائعين المتجولين حتى الأطباء المختصين

الدكتور راغد أخبرنا أن ” غالبية مرضى المستشفى من ذوي الإمكانيات الجيدة الذين تتراوح أعمارهم بين الـ18 _25 و غير متزوجين وغالبا تعليمهم متدني علما أن العديد من الأطباء عولجوا من الإدمان في المستشفى وبشكل خاص أطباء التخدير والنسائية “.

أما أليسار فقالت ” تختلف الحالة المادية للمتعاطين بالبداية لكنها تصب في النهاية في الوضع المادي المتدني”.

وقد دخل إلى المرصد عام 2006 :750 مدمن ، وبلغت نسبة مدمني المخدرات 521 منها 6 نساء حيث توزعوا على الشكل التالي :

في الإدمان الدوائي 143 رجال و 5 نساء ، في إدمان الهيروين 48 أمي ، و 243 ابتدائية ، و162 إعدادي ، و 39 ثانوي ، و 8 معاهد وجامعات و 21 ملّم بالقراءة والكتابة.

أما عن الحالة المهنية فكانت : 50 بائع متجول ، 153 متمركز ، 155 حرفي ، 91 سائق و 30 موظف ، و9 مزارعين ، و 12 تاجر ، و3 طلاب ، و 2مهندسين ، وفنان واحد ، و 16 عاطل عن العمل.

“التهريب” يرفع نسب الإدمان في المحافظات الحدودية وحلب تتربع القائمة

أخبرنا العميد أحمد أن ” المحافظات الحدودية يكثر فيها المتعاطون ، لأن المتعامل لا بد أن يجرب المادة وبالتالي يتحول في أغلب الأحيان إلى مدمن ، كما أن الاضطرابات في لبنان والعراق أدت إلى زيادة عمليات التهريب “.

وعن عمليات التهريب قال حولي ” أكبر عمليات التهريب هي لحبوب كبتاغون حيث بلغ عدد الحبوب المصادرة هذا العام حتى أول آب ( 6763359) حبة ، وهي تهرب عبر سورية من دول أوربا الشرقية وخاصة بلغاريا للسعودية ودول الخليج ، كما أن الكوكائيين يهرب عن طريق سورية من أمريكا الجنوبية إلى لبنان “.

وقد احتلت حلب ثلاث مراتب أولى : في الهيروئين بـ2205كغ وفي حبوب كبتاغون بـ 2631662 والمواد الأولية للصناعة بـ600كغ ، بينما كانت حمص في المرتبة الأولى بالحشيش بـ23581 كغ ، أما في الكوكائين فكانت دمشق.

كما احتلت حلب المرتبة الأولى في جرائم المخدرات حيث بلغ عددها 721 جريمة أي 48 % من مجموع الجرائم المرتكبة في سورية كلها عام 2006 .

البعض يشدد على حملات التوعية وآخر يقول “المشكلة ليست متفاقمة”

اعتبر الدكتور هارون أن ” الوقاية عامل أساسي جدا في مكافحة المخدرات من خلال التعريف بالمادة ، والتعامل مع الضغوط والشدات النفسية التي يتعرض لها الشباب ، وحملات التوعية اللي بتحكي بصراحة عن الإدمان كتير ضرورية ونحنا كتير مقصرين فيها “.

كما رأت فندي أن ” الجهل هو الذي يدفع المتعاطي لتجربة المادة وبالتالي إدمانها ، ولذلك يجب أن نعرفه على هذه المادة ، ويجب أن نخبره أكثر من (احذر المخدرات وابتعد عنها )”.

واعتبر العميد أحمد أن سبب غياب حملات توعية فعالة ” هو لأنو القصة ليست متفاقمة عندنا ، ومن أسباب عدم تفاقمها : احتفاظنا بالقيم الأخلاقية ، و ترابط الأسرة ، و جهاز الأمن القوي “.

أما المكافحة الفعلية ، أخبرنا العميد حولي عن ” اللجنة الوطنية العليا لمكافحة المخدرات والتي يرأسها وزير الداخلية ، حيث تقوم بوضع السياسة العامة للمخدرات ، بينما نقوم نحن بوزارة الداخلية بمتابعة المتعاملين بالمخدرات”.

وتضم اللجنة الوطنية معاوني كل من وزراء العدل والتعليم العالي و الثقافة و الإعلام والتربية ..رؤساء المنظمات الشعبية حيث يشاركون في سياسة خفض الطلب.

عدد المتعاطين والتجار في المحافظات عام 2006 حسب العد التنازلي

دمشق 1434 متعاطي و 332 تاجر ___ ريف دمشق 896 متعاطي و106 تاجر ومروج .

في حلب 605 متعاطين و 320 تاجر ___ في حمص 267 متعاطي و 277 تاجر ومروج .

اللاذقية 403 متعاطي و 83 تاجر وموج ___ حماه 102 متعاطي و49 تاجر .

دير الزور 41 متعاطي و 21 تاجر ومروج ___ درعا 35 متعاطي و 22 تاجر .

الرقة والحسكة 10 متعاطين وتجار ___ السويداء 7 متعاطين و تاجرين .

طرطوس 5 متعاطين ___ القنيطرة 4 متعاطين ___ وفي إدلب متعاطي واحد .

زينة ارحيم ….سيريانيوز

http://www.syria-news.com/readnews.php?sy_seq=61763

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.