يافعون سوريون وفلسطينيون وعراقيون يصوّرون حقوقهم وبيئاتهم

  • شاب يرتدي زي اللاعب البرازيلي «كاكا» يواجه ظله على أرض ترابية، يحمل في يده كرة قدم صغيرة ويناظر عمود كهرباء، خط طولي يفصل بين زرقة السماء ورمادية التراب والحجارة التي يجلس على إحداها شابّ آخر يرتدي خفّاً.

    لوحتان من قصة مصوّرة التقطتهما عدسة عماد اسماعيل، الفلسطيني الأصل والبالغ من العمر 19 سنة، ليصّور جانباً من الحياة في مخيّمه «جرمانا».

    «هي خرابة بكل ما للكلمة من معنى، سميّناه ملعباً وصدّقنا كذبتنا»، يقول عماد لـ «الحياة»، مشيراً إلى أن هذا «الملعب» يشهد مباريات دوري المخيّمات لكرة القدم، التي يقيمها شباب المخيّمات، ويدفعون للمشاركة فيها اشتراكاتٍ رمزيةً لا تكفي لتنظيف وإعداد «الملعب».

    «الصورة الثانية، لصديق أخي الذي فقد حذاءه الرياضي، ولم يستطع شراء غيره لأن راتبه لا يكفي، وهو يلبس قميص العمل نفسه للعب»، يقول عماد، خاتماً: «ما أريد قوله بهذه الصور: هناك كرة نجحت في جمع 15 شاباً من ثقافات وظروف مختلفة، هي صور مخيم، تراب، حجارة وأوساخ لكننا نلعب كأسرة».

    عماد هو واحد من 18 يافعاً يشاركون في معرض التصوير الفوتوغرافي المعاصر ليافعين في دمشق «كاميرتي، بصماتنا» الذي تنظمه منظمة «ريفوكس» البريطانية بالتعاون مع «اتحاد شبيبة الثورة» و«يونيسيف» في دار الفنون، من 29 تموز (يوليو) حتى السادس من آب (اغسطس) يومياً من الساعة الرابعة حتى الساعة التاسعة مساءً.

    ملهم الجمّال أصغر اليافعين المشاركين، 15 سنة، من سورية، اختار أن تلتقط عدسته «حق اللعب» الذي يفتقده أغلب أطفال منطقته «السبينة» الشعبية، من خلال صورتين يُظهر في إحداهما طفلين يجمعان النفايات بملامح جدّية وتعب واضح، بينما يغلب الفرح على تفاصيل الصورة الثانية التي التقطت صبيّين يلعبان على الدرّاجة.

    يقول ملهم: «العمالة والظروف منعت أطفال منطقتنا من اللعب، قضية لم أستطع إلا أن ألاحظها وأوثقها بعدستي عندما طلبت منا المدربة أن نصّور قضية من مجتمعنا». تحت لوحته كتب ملهم المادة 31 من اتفاقية حقوق الطفل: «لجميع الأطفال الحق في الراحة واللعب وفي الانضمام إلى سلسلة متنوعة من النشاطات».

    اليافعة العراقية بسمة محمد صوّرت قضية أكثر شخصية، صورة «بورتريه» مسطّحة لرجل يركزّ نظره على العدسة، معلّقة على الحائط، وعلى يمينها وجه فتاة ثلاثي الأبعاد تنظر إليه بحب. هي صورة بسمة تنظر إلى والدها الذي حرمتها أحداث العراق منه، وتحتها كتبت بسمة: «حقي أن أرى والدي»، مستعينة بمواد من اتفاقية حقوق الطفل لتأكيد حقها.

    تقول المادة 9-10 من الاتقافية: «ينبغي عدم فصل الطفل عن والديه دون إرادتهما، وينبغي أيضاً أن يسمح له بعبور الحدود الدولية للم الشمل».

    معرض «كاميرتي، بصماتنا» يحتفل بانتهاء ورشة عمل لتدريب 18 يافعاً تتراوح أعمارهم بين الـ15 والـ21 على التصوير المعاصر. الورشة استمرت لثمانية أسابيع ونفذتها مدربتا «ريفوكس» في مركز اتحاد شبيبة الثورة في منطقة ببيلا في ريف دمشق.

    عملت المدرّبتان على استعراض هويات اليافعين، والبيئة المحيطة لينتج عنها مجلدات فردية من الأعمال الفوتوغرافية، ومعرضاً من صور اختار عرضها اليافعون.

    «يركز تدريب «ريفوكس» على استخدام التصوير كوسيلة للتعبير. ومن أهداف المشروع الرئيسية زيادة وعي الشباب بقضايا أساسية مثل حقوق الطفل والمساواة بين الجنسين والعنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي والدمج الاجتماعي والاحترام المتبادل»، تقول المدربة كايت دينمان.

    وتضيف: «في الورشة حضرت نقاشات مفتوحة ركّزت على كيفية تطبيق الحقوق والمساواة والقضايا التي طرحتها الورشة على المجتمعات المحلية لليافعين، وإلى نهاية الورشة، كان واضحاً تفتّح عيون المشاركين على جوانب من حياتهم لم يلحظوها من قبل، وهذا أسعدنا جداً».

    يضم المعرض نحو 40 لوحة اختيرت لتحقيق التوازن بين الجنسيات الثلاث المشاركة (سورية، فلسطينية، عراقية) والأعمار والجنس. وفيما اختار يافعون عرض قصصهم المصورة كسلسلة ملصقة على صفحات دفاتر الرسم، فضّل آخرون اختيار لوحة تعبّر عن موضعهم.

    وشارك المعرض قبل افتتاحه الرسمي في «منتدى اليافعين العرب» الذي أقيم في دمشق برعاية جامعة الدول العربية والهيئة السورية لشؤون الأسرة تحت عنوان «أنا أشارك… فأنا موجود».

زينة ارحيم …..صحيفة الحياة

http://international.daralhayat.com/internationalarticle/168540

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.