أطفال سوريون «يُداوون» بالفن … أقرانهم المرضى بالسرطان

  • صبيان بشعر بني كثيف يربّتان على كتفي صبي أصلع عرفت 8 شعرات متفرقة طريقها إلى رأسه، يرتدي زيّ المستشفى الأخضر ويبتسم معهما للصورة، متجاوزاً اصفرار وجهه وغياب الرموش والحواجب من ملامحه.

    بهذه الخطوط شاركت الطفلة منى برنبو ابنة الربيع الثامن في معرض رسوم الأطفال «لوّن لترسم البسمة على وجوه الأطفال المصابين بمرض السرطان»، والذي اختتم به «مهرجان شكسبير» في دمشق فعّالياته.

    «هذان طفلان سعيدان بشفاء صديقهما من السرطان»، تقول منى مؤكدة شفاء الطفل «بدليل نمو شعره مجدداً».

    لوحة منى هي واحدة من 53 رسمة تشكيلية أعدّها أطفال تتراوح أعمارهم بين 5 و15 سنة، واختارتها لجنة التحكيم لتشارك بمسابقة «دورك في المجتمع» مع 110 منحوتات من الصلصال شكّلها الأطفال لتزدحم بها زوايا ووسط صالة «تجليّات» في العاصمة السورية.

    في إحدى الزوايا، كانت جيدا داوود (9 سنوات) تحمل زهورها وتتموضع للكاميرات والابتسامة تعلو وجهها… إلى أن جاءها سؤال: «لماذا وضعت حجاباً لهذه الفتاة وألبستيها تنورة قصيرة؟»، فعبست في وجه السائل مجيبة: «وما همّك ما تلبس طالما أنها تقف هنا لمساعدة طفل مصاب بالسرطان!».

    على رغم سعادتها بأن عملها سيذهب لمصلحة الأطفال المرضى، إلا أن نايا منصور (10 سنوات) تحمّست للمشاركة في المعرض للعمل مع الفنان مصطفى علي «لأنه فنان كبير وفر

    صة العمل معه لا تتاح لنا كل يوم»، كما تقول.

    عبر الإذاعات والصحف، أطلق «مهرجان شكسبير» في آذار (مارس) الماضي دعوة إلى الأطفال السوريين للمشاركة في مسابقة الرسم التي ستكلّل بمعرض يذهب ريعه لجمعية «بسمة» لدعم الأطفال المصابين بالسرطان.

    و «بسمة» هي أول جمعية في سورية لدعم الأطفال المصابين بالسرطان وأهاليهم، تأسست في 18 نيسان (أبريل) 2006، وتعمل على تحسين الواقع الصحي والاجتماعي للأطفال المصابين من خلال تقديم الدعم النفسي والمعنوي لهم ولأهلهم خلال فترة العلاج.

    كما تعمل على دعم عائلات الأطفال مادياً لتحمل نفقات المعالجة. وهذا الدعم وحّد معالجة سرطانات الأطفال في سورية لتحسين الخدمات الطبية المقدمة.

    أكثر من 500 طفل من دمشق واللاذقية وحمص وحلب أرسلوا رسومات وطلبات للمشاركة في المسابقة التي تهدف إلى «تحريض الطفل وحضّ خياله للتعبير بالرسم، وليكون مشاركاً فعالاً في عائلته وفي مدرسته ومدينته وصولاً للمجتمع»، كما يقول مدير المهرجان عمار إسماعيل لـ «الحياة».

    ست فعاليات ضمّها المهرجان بدأت بورشة عمل «النحّات الصغير» مع النحّات مصطفى علي، تلاها عرض مسرحية «الليلة الثانية عشرة» لفرقة مسرح «برمينغهام» البريطانية، إضافة إلى معرض للكتب باللغة الإنكليزية وورشات عمل دراما، ومسابقة للرسم والنحت.

    وعن سبب تسمية المهرجان بـ «شكسبير»، يشير مازن قدسي، مدير شركة «إيفنتو» المنظمة للمهرجان، إلى أن «شكسبير هو اسم كبير في مجال الفن والأدب، ومهرجاننا ثقافي فني كما أن العرض المسرحي هو لشكسبير»، مضيفاً: «عملنا على ان تكون  مختلف الأعمال الفنيّة فيه شاملة ليستمتع الأطفال وليكونوا فاعلين أكثر».

    دفع الأطفال للمشاركة في المجتمع بدأ قبل ثلاث سنوات مع حملة «من حقي إلعب» التي ينظّمها «الهلال الأحمر العربي السوري» في دمشق سنوياً، لتحفيز الأطفال على التبرع بألعابهم للآخرين الأقل حظاً.

    وتسعى الحملة إلى «نشر ثقافة التبرع بين الأطفال وزيادة إحساسهم بالمسؤولية اتجاه الأطفال الآخرين الذين يحبون الأشياء ذاتها ولا يستطيعون الحصول عليها»، كما تقول منسقة المشروعسفانة بقلة.

    وبينما توّزع الألعاب التي تجمعها الحملة على الأطفال الأقل حظّاً في دور الأيتام وذوي الحاجات الخاصة ومستشفى الأطفال، يحظى الأطفال المتبرّعون بيوم كامل من اللعب وشهادة شكر. أما هذه السنة فأجلّت الحملة إلى النصف الثاني من السنة لأن ألعاب السنة الماضية «لم تنفذ بعد»، كما تشير بقلة.

زينة ارحيم ….صحيفة الحياة

http://international.daralhayat.com/internationalarticle/144588

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.