على المجموعات النسائية المغلقة على “الفييس بوك“، انتشر مقطع فيديو لهذا الشاب، مع تفاصيل تحرشه بفتاة في ميكرو باص بدمشق، لتنهال عشرات التعليقات من أخريات عشن ذات التجربة، والعديد منهن مع الشخص نفسه.
اختفى الفيديو بسبب التبليغات، لكن صدمة التحرش التي تعرضت لها النساء بقيت، كما قصصهن، والتي أوثق منها في هذه المادة سبع، لنساء من مختلف الأعمار والخلفيات، عازبات ومتزوجات وقد تم تغيير أسمائهن بناء على طلبهن.
شاهدت هديل، ٢٤ سنة وهي أخصائية تخدير، هذا الرجل لأول مرة الشهر الماضي في ميكرو ”المهاجرين صناعة“، الذي انطلق بها من المالكي، وعندما وصل لموقف الجسر الأبيض، لمحته يقف مع مجموعة فتيات خرجن من مدرستهن، وما إن صعدن حتى صعد معهن.
”جلست الفتاة بمقعد ثنائي من ناحية الشباك، وعندما وصل نحوها، أزاحت له ليجلس قربها، وطوال الطريق وهو يقترب منها فاتحاً رجليه لأقصى حد، ثم بدأ يدفعها من شدّة التصاقه بها وهو يهمس بأذنها، وضعت الطفلة حقيبة مدرستها بينها وبينه لحماية نفسها من تحرشه وأخرجت وجهها من الشباك، لكنه لم يتوقف عن التحرش بها ولصق كتفه بكتفها وكوعه في صدرها بينما يده الثانية على بنطاله“ تروي هديل مضيفة ”شعرت بها وكأن روحها تخرج، منتظرة وصولها للمحطة لتهرب من الميكرو، وهي محصورة في الزاوية لا تستطيع التحرك، حصلت القصة أمامي ومن انزعاجي عليها ومن عجزي حفظت ملامحه، لكنني نزلت قبلها من الميكرو وتركتها ولم ينتبه إليها أحد، فالمرأة التي بجواري تضع سماعات في أذنيها وتنظر من الشباك“.
وفي خط الميكرو ذاته ”المهاجرين صناعة“ ركبت جودي، وهي طالبة طب في الـ ٢٣ عمرها، قبل يومين. كان الوقت ظهراً والازدحام في ذروته، ”جلست في المقعد الأخير في الوسط وكان على يساري هذا الرجل وعلى يميني فتاة، شعرت بشيئ مريب به، فقد كان يضع يده على عضوه وينظر لي بطريقة مقرفة وهو يفرك رجليه ببعضهما ويده تتحرك، ابتعدت عنه حتى التصقت بالفتاة لكنه استمر بأفعاله، وما إن أصبح أحد المقاعد الأمامية متاحاً انتقلت إليه فورا ولحقت بي الصبية، سألتها إذا كان قد تعرض لها فأجابتني بأنه طلب منها منديلاً بعد أن هدأت حركته“.
كانت جودي مستعجلة وقد وصلت لموقفها فلم تستطع أن تخّبر عنه أو تفعل شيئاً، وقرأت على العديد من المجموعات قصصا مماثلة، فتعرّفت على صورته فور مشاهدتها، وقررت أن تشارك قصتها على أمل أن يتم فضحه.
أما رشا وعمرها ٢١ عاماً تعمل في المكياج، فرأته أواخر الصيف الماضي في ميكروباص ”الدوار الشمالي“، في منطقة المهاجرين، تقول رشا ”كنا كلنا نساء ماعداه، وكان يجلس قرب طالبات ثانوي أعمارهن تتراوح بين ١٥ و ١٧ عاماً تقريباً، وكان يقترب على الفتاة المجاورة له بشكل مقرف وهي تبتعد مرتكبة، أثارت حركاته انتباهي وأبقيت عيني عليه وتفحصّته، كان يضع يديه في جيبه ويحركها، وبعد قليل عندما صعد المزيد من الركاب إلى الميكروباص التصق بالفتاة بشكل أكبر، وعندما أعطته امرأة تجلس خلفه نقوداً ليمررها للسائق، رفع يده فارتفعت سترته ورأيت عضوه الذكري خارجاً“.
وتتابع رشا ”خفت كثيراً عندما رأيت المنظر، لكنني لم أسكت، طلبت من السائق أن يتوقف، وطلبت منه أن ينزله من الميكرو بصوت عالي وأنا أرتجف، كان السائق شهماً، توقفّ فعلاً وسألني مابي، فأخبرته وأنا أبكي أن الشاب كان يقلل أدبه مع الطفلة، همّ المتحرش بالنزول من الميكرو فمنعه السائق وأوقفه عند الباب وضربه، بينما كان يصرخ المتحرش بأنه عسكري ويهددني بأنه سينتقم مني، لكنه نال جزاءه وذهب“.
وفي شهر نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي لمحت رشا المتحرش نفسه في المزّة، كان يقف عند موقف الميكرو ويده على عضوه التناسلي هذه المرة أيضاً. تذكرّته وبقيت تراقبه وما إن اقترب من إحدى الفتيات ووقف مواجها لها وهو ينظر بشبق ”مقرف“ لتفاصيل جسدها، ذهبت رشا نحو الصبية ونبهتها ووقفت قربها حتى غادر المكان، ”هذا أقل ما يمكنني القيام به“ تقول.
في مناطق مختلفة من المزّة أيضاً، شاهدته وتعرض للتحرش منه سلوى، وهي ٢١ سنة طالبة تخرج ادب انكليزي، تقول ”بيتي قريب من كلية الآداب لذلك أمشي دائما في هذه المنطقة، بعد نهاية امتحاناتنا في شهر كانون الثاني كنت أمشي مع صديقتي عند موقف الباص، وكان الازدحام كبير في ساعة الذروة، رأيته ينظر لنا بطريقة وسخة وغريبة بينما يحاول الاقتراب، ثم ركزّ نظراته على صديقتي واقترب منها بشكل كبير، لاحظنا كلنا هذا وبدأنا نبتعد عنه وهو يلحق بنا، خفنا كثيراً فاضطررنا لأن نمشي لمحطة ثانية لتأخذ صديقتي الباص منها بعيداً عنه“.
وفي المرة الثانية التي شاهدته سلوى عند المدينة الجامعية الشهر الماضي، حيث كانت عائدة مع صديقاتها عندما اقترب منها ومسح شيئاً بيدها تقول سلوى ”فزعت، ظننته سيسرق حقيبتي فأمسكتها بقوّة عندما كان متوجهاً نحوي، وبعد أن غادر شاهدت سائله المنوي على يدي، الله ياخده“.
كما بقية الصبايا، شاهدت سلوى صورة هذا الرجل على المجموعات الخاصة فميّزته وقررت أن تشارك قصتها ”لوضع حد للموضوع، فلم أعد آمن على نفسي حتى في جامعتي، فأنا دائمة متأهبة للتحرش“ بحسب قولها.
سنوات من الإفلات بجرائم التحرش
بالإضافة إلى حالات التحرش الجديدة، شاركت نساء أخريات قصص تحرش هذا الرجل بهّن من سنوات عدّة، كأريج، ٢٧ سنة، التي درست كيمياء لكنها تعمل كمصممة أزياء وتسويق مع شركة خليجية، والتي رأته عند نفق الآداب، قبل أربع سنوات، حين كانت عائدة من العمل لمنزلها في تنظيم كفرسوسة مساء، كان يقف عند مدخل النفق، وهو يمارس العادة السرية بشكل علني، ”نادى علي تعالي، فاعتقدت أنني أوقعت شيئاً، التفت نحوه وصدمت عندما لاحظت ما يقوم به، صرخت به (يخرب بيتك!) وركضت في النفق، ولا أعرف كيف خرجت“، تقول.
رأت أريج الرجل نفسه مرة ثانية في ميكرو ”الدوار الشمالي“، حين ركبته من موقف مستشفى المواساة، وجلست قرب الشباك في المقعد الأخير بينما كان جالسا بجوارها، وهي تتساءل لماذا يبدو وجهه مألوفاً ولم تتذكر.
تقول أريج ”كنت أضع سماعات الاذنين ووجهي للشباك، لكن حركاته بدت غريبة وبدأت أشعر بحركات غريبة تصدر منه، طلب مني محرمة فقلت له بأنني لا أحمل معي، والتصقت بالشباك، لكنه بقي يقترب مني، ووضع يده علي فخذي ويده الأخرى تحرك قضيبه بقوّة، أزحت يده بعنف حتى يفهم وعبست في وجهه لكنه لم يتوقف عن تحرشه، وعندما وصل للنشوة عاد للإمساك بفخذي بقوة، وهنا لم أتحمل أكثر، وصرخت به (يقطع عمرك شو حيوان) وبدأت أصرخ“.
إلا أن المتحرش كان مستعداً على مايبدو لردة الفعل هذه، حيث بدأ يقول لأريج ”ما بك، أليس هذا ما تريدينه! عيب عليك أن تقومي بهذه الحركات أمام العالم“ وأخذ يخاطبها وكأنه يعرفها، وقد صعدا معا للميكرو.
وبينما كانت تقول أريج للركاب بأنها لا تعرفه وأنه يتحرش فيها، كان هو يستغل الوقت لإعادة قضيبه في بنطاله دافعاً الركاب ليخرج من الميكرو وهو يردد ”سألعن شرفك والله“. وهنا انهارت أريج بالبكاء وهي ترتجف من الرعب ”وقاحته ليس معقولة، بعد أن عدت للمنزل واستوعبت ما جرى أدركت أنه نفس الشخص الذي رأيته سابقاً في النفق“ تقول.
رؤية صورته أيضاً أرجعت مايا، مهندسة عمارة تعمل بالمجال الإنساني، أيضاً لذكرى ماحدث معها قبل عدّة سنوات، عندما كانت في ميكرو ”جرمانا باب توما“، وركب قربها من جرمانا في المقعد الأخير، ورغم أنها كانت تقترب من الشباك محاولة تجاهله، لكنه فعل كما مع الأخريات ولم تردعه مكالمتها لوالدها الذي كان ينتظرها في ساحة باب توما.
اضطرت مايا للنزول قبل محطتها خوفاً من أن يلحق بها لمنزلها، وصرخت به ”يا زبالة يا وسخ“، لكنه ادعى البراءة وسألها ”ماذا فعلت؟“ وهنا أيضاً تتذكر مايا أن أحداً من الركاب لم يسألها ماذا جرى أو مافعل معها الشاب.
وتتذكر ماريا الحادثة بتفاصيلها لأنها كانت المرة الأولى التي تتعرض فيها لهذا الموقف ”ربما حركت الصدمة النفسية مشاعر الخوف والتوتر لأقصى حدودها عندي، وأجبرتني على السكوت لكنني حفظت وجهه، أتمنى لو أنني نبهّت بقية الفتيات منه“.
وعلى ذات الموقف التي حدثت فيها قصة أريج، عند مستشفى المواساة، شاهدته رؤى، ٢٢ سنة وهي تدرس هندسة اتصالات سنة رابعة، منذ أسبوعين بينما كانت تنتظر ميكرو ”الدوار الشمالي“ عصراً، كان يمشي قربها وينظر إليها بطريقة وصفتها بالـ“وسخة“، وبتركيز على صدرها، وعندما اقترب منها وبدأ ينظر لتفاصيل جسدها، ابتعدت عنه لكنه بقي يلاحقها محاولاً الالتصاق بها ”خفت كثيرا ولم أعرف كيف أتصرف، قلت له (خير ما ذا تريد)؟ أجابني (لا شيئ)، دون أن يرفع عينيه عن صدري، وكان العديد من الشباب واقفين قربنا ولم يحركوا ساكناً، غيّرت مكاني وركضت للمنزل خوفاً من أن يلحق بي“.
تتمنى رؤى لو أنها صرخت حينها وتقول ”لو أنني كنت أقوى وأحضرت له الشرطة، لكني لم أعرف كيف أتصرف وللأسف أندم كثيراً على ذلك، ومازلت أراه بكوابيسي منذ ذلك اليوم، احساس بشع، وكلما أرى صورته أشعر بالإشمئزار وقد أصبحت أخاف من أي شاب“.
لكن خيار القضاء في سوريا غير فعّال، فقانون العقوبات السوري لا يُعرّف التحرش، ولا يعاقب عليه، وإنما يحدد مواد تتعلق بالأعمال المنافية للحشمة وخدش الحياء العام ويعاقب عليها بالسجن لعدة أيام فقط!
ويحتاج اثبات هذه الأفعال شهود مستعدون لتسجيل شهاداتهم، وتشير المحامية النسوية دعد موسى في تصريحات إعلامية إلى أن المادة 506 من قانون العقوبات تنص على “من عرض على قاصر لم يتم الخامسة عشرة من عمره أو على فتاة أو امرأة لهما من العمر أكثر من خمس عشرة سنة عملاً منافياً للحياء أو وجه إلى أحدهم كلاماً مخلاً بالحشمة عوقب بالحبس التكديري من يوم إلى ثلاثة أيام، أو بغرامة لا تزيد على خمسة وسبعين ليرة أو بالعقوبتين معاً”.
ما الحل إذا مع هذا المتحرش؟
بغياب القوانين الرادعة للمتحرشين وأية جهود جهدية لحماية النساء، قد يكون الضغط الإجتماعي والفضيحة أحد الحلول الممكنة لإيقاف المتحرشين.
اذا تعرّفتي على اسم هذا الشخص، مكان عمله، من عائلته؟، في أي حيّ يسكن؟، تواصلي معي عبر رسائل الصفحة أو في التعليقات، لنضيف هذ المعلومات وننشرها، حتى نضغط على مجتمعه وجيرانه وأهله لضبط جرائمه.
يمكنك أيضاً نشر هذه المادة مع صورته وقصص الأخريات لتحذري النساء في منطقتك منه، ولتشجيعهن على دعم بعضهن عند التعرض للتحرش منه أو من أمثاله كما فعلت رشا وأخريات.
#افضحي_متحرش