خالد عقيل يعرض ما “لا يقال” عن سوريا في لندن

أدوات طعام متناسقة وأنيقة تصّطف من اليسار: شوكة، ملعقة، سكين، بقايا قذيفة هاون، في لوحة من أربعة أجزاء جسّد فيها الفنان خالد عقيل أدوات المائدة السوريّة.

احتّلت هذه اللوحة، التي لا تحمل عنواناً كبقية اللوحات، الحائط الرئيسي في غاليري “لحد” في منطقة “هامبستيد” شمالي لندن، والتي تستضيف معرض “غير المقال” حتى السابع من شهر أيار (مايو) القادم.

عن الصورة تحدّث عقيل “يعاني الشرق الأوسط من حالة مستمرة من الحرب، فوجبتنا الرئيسية أصبحت صراعات نتناولها بأدوات الحروب التي تحوّلت من حدث طارئ إلى مبدأ مقبول في الوعي الجمعي”.

ويضيف عقيل “الناس على امتداد الشرق الأوسط مستعدون دائماً لأية حرب قادمة، قادرون على التعامل مع الاضطراب والتوتر المستمرين ولديهم طرق مختلفة للدفاع عن أنفسهم”.

يضّم المعرض مجموعة من اللوحات الهجينة التي زاوجت بين التصوير الفوتوغرافي وتقنيات الرسم المنوّعة، “فكل قطعة فنية تمّر بعدّة مراحل بدءاً بالتصوير ثم مرحلة وضع طبقات مرسومة ونصوص تاريخية دينية فوق الصورة، لتنتهي بصيغة رقمية وهي الصورة الفوتوغرافية.

استمّد عقيل بعضاً من نصوصه من مخطوطات عربية قديمة، وبعضها الآخر من كتاباته الخاصة التي اختارها بشكل يناسب الصورة و الفكرة، فيما كانت الكتابات في بعض اللوحات مجرد رموز واشارات غير مترابطة لكنها جُمعت بصورة تخدم الحالة و فكرة العمل الفني.

أما الصور الفوتوغرافية فالتقطت عدسة خالد القضايا الاجتماعية والجنسية والدينية التي تواجه سوريا، يقول خالد

“الفكرة من المعرض هي تناول المجتمع الشرق اوسطي بشكل عام والسوري بشكل خاص عن طريق تسليط الضوء على المشاكل الرئيسية التي تشكل، من وجهة نظري، عائقاً أمام تطوره، وتتمحور الأفكار حول الثالوث المحرم والتي لا يتم التطرق لها نظرا لما تثيره من جدل”.

ويضيف “ولذلك أردت طرحها في معرضي لأن احد أهم اسباب تخلفنا هو خوفنا من التطرق لهذه المواضيع و تأجيل النقاش بحجة الجدل التي تتركه او الخوف الشخصي من العواقب التي سوف تقع على الشخص الذي يطرحها للنقاش”.

 

المرأة “العورة”

على الحائط المقابل للوحة أدوات الطعام تقف امرأة عارية إلا من نقابٍ يظهر عينيها المعلّقتين على العدسة، بينما تمتّد يدها نحو المشاهد في حركة تتراوح بين الاستنجاد بالمنقذ وصدّ القادم المقُترِب.

بصمة ابهام وتواريخ مبهمة مع أختام تحاكي تلك المطبوعة على الهويّة السوريّة القديمة والألوان الرمادية ترسم ملامح اللوحة، أما جارتها فلوحة تصوّر امرأة وظلّها (وقد تكون امرأتين) يغطي السواد ملامحها وهي تمشيّ في حيّ قديم بينما تتناثر كتابات عربية قديمة أشبه بالعثمانية بشكل فوضوي حولها.

يتحدّث خالد عنها قائلاً “تسلّط هذه اللوحة الضوء على المشكلة الأبدية لتشييء المرأة، فالمرأة المنقبّة التي ترتدي الأسود من رأسها حتى قدميها هي تقنياً لا تختلف عن ظلّها، وكون المرأة، لا أحد، هو مشكلة مستمرة وميراث تمرره الأمهات لبناتهّن”.

مديرة الغاليري نوف بندر بيّنت أن المعرض “يحاكي الجو السيّاسي المضطّرب في سوريا، وهو فرصّة مهمّة للجمهور الغربي ليسترق النظر إلى الواقع الحقيقي، فأغلب من يعيشون خارج الشرق الأوسط لديهم أفكار مغلوطة عنه، ولذلك نتمنّى أن يكون المعرض خطوة نحو تحقيق فهم أكثر عمقاً بين الشرق الأوسط والغرب”.

معرض “غير المقال” هو الأول لفنان سوري تستضيفه غاليري “لحد” المهتمّة بعرض فنون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وهو أيضاً أول معرض لخالد خارج سوريا، وقد اختار لندن “لأنها من اكثر الدول التي حضنت العرب والمسلمين واعطتهم حرية مطلقة في ممارسة شعائرهم الدينية ولكن هذا لم يمنع من ظهور التطرف والعداء تجاه الغرب ممن يقطنها منهم، حتى أن معظمهم لا يقبل بتطبيق الديمقراطية بنفس الطريقة التي مُنحت لهم، وبذلك هي النموذج الأمثل للتناقض و المعايير المزدوجة التي يعيشها مجتمعنا العربي و الاسلامي” كما يقول عقيل.

أما عن عنوان المعرض “غير المقال” فيشير خالد” أردت من خلال العنوان أن أترك مساحة لفكر المشاهد في تفسير هذه الاعمال، فغير المقال، هو ما سيشعر به الزائر عندما يشاهد الاعمال”.

يذكر أن خالد عقيل مو مواليد حلب، 1986، تخرج من كلية الحقوق والعلوم السياسية في بيروت، وأقام عدة معارض في سوريا.

المادة منشورة في صحيفة الحياة بتاريخ 2-2-2012

قد يعجبك ايضا
تعليق 1
  1. Maribeth يقول

    Thanks for taking the time to post. It’s lifted the level of debtae

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.