«مؤقت…» معرض فوتوغرافي لوجوه من كارثة الجفاف في منطقة الجزيرة السورية

  • من قرية صغيرة في محافظة «دير الزور» شمال شرقي سورية، حُمل «حمودي» في الشاحنة مع أهله وبضعة خرق، ستصبح في ما بعد بيته الجديد، إلى أطراف دمشق، وما إن وصل عمر إهماله إلى الثلاث سنوات، حمله معرض التصوير الضوئي «مؤقت!!!» إلى وسط دمشق.

    بكَلَف وجهه البني، وتشققات يديه من أخاديد عطش قريته، يحضن حمودي قشرة موز، يشّمها ملء أنفاسه، داخل إطار أسود يسنده إلى حائط، لا يعرف كيف يُستند إليه خارج الصورة.

    يتلصص حمودي على الحياة في المرة الأولى التي ينتقل فيها من «اللــطخة العمياء» للرؤية إلى داخــل كادر الصورة، فــــهو أحد أبطال معــرض «شام محــل» الذي يضمّ 22 صورة من بؤس أهل الجزيرة السورية «الرقـة والحـسكة ودــير الزور» ممّن حوّلهم الجفاف من مزارعين منتجين لـ70 في المئة من القطن السوري إلى نور رحّل.

    «هي لقطات يومية لحياة سوريين تركوا للغبار بيوتهم هاربين من بخل السماء وجفاف الاهتمام إلى شحّ الحياة وبقايا أمل بالعودة إلى ماكانوا عليه» تقول الصحافية ضحى حسن التي التقطت نزوحهم بعدسة توثيقية أكثر منها فنّية.

    «أنا صحافية ولست مصوّرة احترافية» مشيرةً إلى أن هدف المعرض «الكشف عن حالة إنسانية سقطت من حسابات الهيئات والمنظمات، وإضاءة معاناتهم ذات السنوات الخمس».

    التعتيم لم يكتف بإغراق مخيّمات النازحين المتناثرة حول أرياف دمشق ودرعا وحمص، ليمتدّ إلى الشمعة التي حاولت ضحى ومجموعة «الحبابين» إشعالها بدلاً من لعن ظلمتهم، لتعتّم عليهم هذه المرّة وزارة الكهرباء بنظام التقنين يوم الافتتاح.

    شريكة «حمودي» في الصورة، الموزة، اخترقت عزلة مخيم «سعسع» بواسطة «الحبابين»، و «حبّابين» هو اسم فريق مؤلف من خمسة شبان سوريين تطوّعوا لتدريس الأطفال النازحين مرّة كل أسبوع.

    الصحافيان عامر مطر ورولا أسد أنشآ المجموعة قبل أربعة أشهر لأن «رؤية كل ذلك الهمّ والحزن والإهمال في المخّيم تجعل تجاهله أمراً عسيراً» كما تقول رولا، مؤكدةً أنها وعامر «تورطا عاطفياً لتصبح تلك المخيّمات همّهم الشخصي».

    وعن التحوّل من الصحافة إلى التدريس يقول عامر: «أنا شخصياً كنت خائفاً من التدريس، وكان الأمر شاقّاً علي في المرات الأولى، فأنا صحافي وليس لي خبرة لا بالتعامل مع الأطفال ولا بالتعليم، إلا أنني تعوّدت».

    ويضيف: «قسّمنا أطفال المخيم الستين إلى مجموعات بحسب أعمارهم ومقدار معرفتهم، وكان نصفهم أمياً تماماً والنصف الآخر ترك المدرسة قبل أن يجتاز مرحلة التعليم الأساسي، فركّزنا على تعليمهم الأحرف والكتابة والقراءة».

    قبل أن يصل «الحبابون» إلى حرف الياء، توقفوا عن التدريس بسبب «عدم تمتّعهم بصفةٍ رسميّة»، ما أثار إشارات استفهام حتى من أهالي الأطفال «الذين رفضوا تصديق وجود مجموعة لا تعمل مع أحد ولا تقبض مالاً من أحد، وتقوم بهذا الجهد وبهذا القدر من المسؤولية من أجلهم فقط» تقول رولا.

    يوضح عامر: « في آخر زيارة للمخيم أخبرنا الأهالي أن جهاتٍ تسأل عنا، وطلبوا  منهم ابلاغهم عندما نأتي، فتوقفت مرحلة التدريس، إلا أننا نحضّر لمرحلة أخرى أكثر انتظاماً وتطوراً».

    «حمودي» وعائلته نزحوا مع ستين ألف عائلة أخرى نتيجة موجة الجفاف، وارتفاع سعر الوقود، ليصل عدد المتضررين من موجة الجفاف السورية إلى 1.3 مليون أكـثرهم من النساء والأطفال، وفق إحصاءات بعـثة خـبراء منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة وبرنامج الأغذية العالمي.

    من الحسكة، التي كانت أكثر المحافظات إنتاجاً، هاجرت 4642 أسرة تاركةً 19 قرية لعناية الفراغ. نسبة الفقر في شرق سورية بدورها ارتفعت لتصل إلى 80 في المئة بحسب تصريح خضر المحيسن رئيس اتحاد الفلاحين في الحسكة.

    تسمية «مؤقت!!!» جاءت على أمل بأن «يتحوّل هذا الوضع وهذا النزوح إلى حالة مؤقتة» تقول ضحى، مبيّنة أن «إشارات التعجب الثلاث المجاورة للكلمة أبلغ عنوان».

زينة ارحيم ….صحيفة الحياة

http://international.daralhayat.com/internationalarticle/169397

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.