للحرية في دمشق “روزنامةٌ” تمهّد للعصيان المدني

“جامعاتُنا بلا شبيحة”، “عصيانُ الشوارع”، “خبّي قرشك الأبيض لإسقاط نظامك الأسود”، “شخابيط ثورية”، و”لا تدفع فواتير الكهرباء” عناوين مشاريع العدد الثامن من “روزنامة الحرية” لهذا الشهر والتي يتخللها كالعادة العديد من المفاجآت الثورية.
بدأت المفاجآت الثورية لهذا العدد بحقن الصمغ في أقفال المراكز الحكومية في ركن الدين، السويقة، وشارعي برنية و29 أيار لإقفال الأبواب على “من يقفل علينا أبواب الحرية” كما أشارت صفحة “أيام الحرية”.
وخصصت الروزنامة في عددها هذا سلسة الفيديوهات التثقيفية التي تعدّها “ثورة بلا بواريد” لإعطاء نصالح ومعلومات عن الاعتقال من البيت أو أثناء المظاهرة، كمعلومات عما على الناشط فعله قبل وخلال التحقيق وما الذي قد ينتظره في الفرع الأمني.
“بعد شهر من العمل، وُلد العدد الأول من روزنامة الحرية في شهر أكتوبر (تشرين الأول) بتكاتف مجموعات النّضال السّلمي التي جمعها أمل العثور على وطنٍ بحجم أبنائه، والحاجة التي اضحت ملحّة للعمل ضمن إطار واحد” تقول ميس القات إحدى العاملات في فريق “أيام الحرية”.
تقوم روزنامة الحريّة على أساس الفكر السلميّ واعتماد النّضال اللاّعنفي متوجهةً بشكل رئيسيّ للفئة الصامتة من السوريين حيث توفّر لها منفذاً أكثر أماناً للمشاركة في الحراك الثوري نظراً للضغط الأمني الشديد على العاصمة.
المشاريع في روزنامة الحريّة تقسّم إلى ثلاثة أقسام: توعية بصرية على شكل أفلام مُحمّلة على اليوتيوب كسلسلة “شخابيط ثورية”، ومشاريع وفعاليات موجهة للجمهور في سوريا، ليكونوا جزءاً من حراك أيام الحرية كفعالية “سكون وسط العاصمة” والتي دعت المشاركين إلى الوقوف ساكنين في إحدى الساحات المُكتظّة بدمشق، و فعاليّة ارتداء الأسود في الجامعات اعتراضاً على اقتحامها من قبل الشبيحة إثر مظاهرات حاشدة انطلّقت فيها.
إضافة إلى المفاجآت الثورية كتغير أسماء المدارس واستبدالها بأسماء شهداء الثورة.
أما عن آلية العمل فتقول ميس: “بعد مرور الأسبوع الاول نبدأ باستقبال الأفكار، ننظمها ثم تجتمع لجنة المشاريع عدة مرات لاستكمال التصور الذي ستطرحه الروزنامة القادمة، ويقوم مندوبو اللجنة الميدانية بدراسة إمكانية تطبيقها على الأرض فيما يبحث شباب اللجنة الإعلامية بطريقة التسويق لتصل لأكبر عدد من المتلقّين”.
كما تصدر أيام الحرية بالتعاون مع موقع “المندسّة” قوائم بالشركات المتعاونة مع النظام لمقاطعتها واستبدالها  بمنتجات الشركات ال”صديقة للشعب”.
المشاريع الأبرز للروزنامة والتي علقت بذاكرة السوريين كانت صباغة عدد من بحيرات دمشق باللون الأحمر تعبيراً عن حزنها على الشهداء في شهر أكتوبر (تشرين الأول)، كساحات باب مصلّى، المرجة، المزرعة والبطيخة، إضافة إلى تشغيل مكبّرات الصوت بأغاني الثورة والتي بدأت في ساحة عرنوس يوم وقفة العيد في آب (أغسطس) لتنشر منها إلى جامعات دمشق وأسواقها وتصل أخيراً لداخل مديرية المالية في آخر الشهر.
“تلعب هذه المفاجآت الثورية دوراً في كسر هيبة الأمن وخاصةً أن حالة الهلع التي تصبيهم من مان ملّون أو أغنية تُلقط على فيديو، إضافةً لأنها وسيلة لتثبيت وجود الفريق على الأرض ولفت انتباه السوريين لنصل تدريجياً للعصيان المدني”، يقول أبو جهاد وهو حاصل على دراسات عليا ويعمل مع الفريق من دمشق.
وعن سبب انضمامه لأيام الحرية يقول أبو جهاد “كان نشاطي مشتّتاً بين ثلاث تنسيقيات فأردته أن يكون ممنهجاً على طريق إسقاط النظام، ولأن الروزنامة تجمع أغلب مجموعات الحراك السلمي ولها استراتيجية ونشاطات تراكمية فقد وجدت نفسي فيها”.
مغتربون وميدانيون معاً لأجل العصيان
وتضمّ شبكة “أيام الحريّة” كلاً من مجموعات “أمان وتوازن”، “الحراك السلمي السوري”، حركة17” نيسان للتغيير الديمقراطي في سوريا”، “الأسبوع السوري”، “المندسة السورية”، “أحرار”، “ثوار الشام”، “الحراك السلمي من أجل دولة مدنية”، “العصيان المدني”، و” دعم”.
كما تشارك مجموعات عديدة في تنفيذ خطة معينة أو تحجزُ نشاطاً ليوم حريّةٍ على الروزنامة دون أن تنضوي تحت لواء أيام الحرية بشكل رسمي.
تتراوح أعمار العاملين في الروزمانة بين العشرين والأربعين عاماً من طلاّب جامعيين وخريّجين من اختصاصاتٍ مختلفة كما يعمل مع الفريق عشرة تقنّين مختّصين بالتصميم والمونتاج والتصوير إضافة إلى الفرق الخاصة بكل مجموعة من مجموعات “أيام الحرية”، كما يلعب السوريون المغتربون دوراً “لا يقّل أهميةً عن دور أي شاب ينفذ العمليات النوعية في الداخل” تقول ميس.
وعن دورهم في الروزنامة تشير “بعضهم يعمل في فريق الملتيميديا والتصميم وآخرون يساهمون في الترويج لنشاطاتنا لتصل لأكبر شريحة ممكنة من الناس، إضافةً إلى المساهمة بالأفكار والطروحات وتنفيذ المشاريع ذات الطابع التثقيفي، كما يلعب المغتربون دوراً أساسياً في تنسيق العمل بين النشطاء بالداخل وذلك لضمان أمن النشطاء الميدانيين”.
ضمنت هذه الآلية ألاّ يُعتقل أي من نشطاء “أيام الحريّة” خلال نشاطاتهم الميدانية إلا أن العديد منهم اعتقل أثناء مشاركتهم في المظاهرات والتي تُفرغّ لها الروزنامة يوم الجمعة بمشروع “طالعين نتظاهر”.
يستغرب أبو جهاد سؤالي له فيما إذا كان يشارك بالمظاهرات، مجيباً “طبعاً أتظاهر وليس فقط يوم الجمعة وإنما أشارك أيضاً في المظاهرات المسائية وفيها نوزّع المناشير ونبخّ شعاراتنا على الجدران ونوزّع جريدة الحق التي نصدرها بالتعاون مع تنسيقية الميدان أيضاً”.
وفيما إذا كانت نشاطات الشبكة كافية لإسقاط النظام، يقول أبو جهاد ” قد تبدوا نشاطاتنا صغيرة إذا قورنت بالمظاهرات الحاشدة في بعض المحافظات الثائرة، لكنها في دمشق تلعب دوراً هاماً في جذب الصامتين للثورة وتحريك ركام الخوف”.
 ويضيف “خيارنا هو العصيان المدني، نعرف أنه يحتاج لصبر ووقت لكنه الحل الأنسب والأقلّ تكلفةً للننتهي من هذا المخاض الصعب ونستعيد بلدنا من أيدي هذا النظام المحتّل”.
وتوافقه ميس : “نعلم تماماً أن التظاهر ومفاجآتنا ومشاريعنا وحدها لا تكفي لاسقاط النظام، لكنّنا في في أيام الحرية نعتبر أن عدوّنا الحقيقي هو فكرة وكما كانت فكرة ان الثورة في سوريا مستحيلة وانتصرنا عليها، نحن الآن نحارب فكرة أن العصيان المدني غير قابل للتطبيق”.
المادة منشورة في الحياة بتاريخ 10-12-2011
قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.